اعتاد كثير من الناس في الدول العربية أن يلعبوا ألعاباً مختلفة باستخدام ورق اللعب، أو ما يسمّى ورق الشدّة في بلاد الشام، أو الكوتشينة في مصر، أو “البلوت” في دول الخليج العربي. وتمارَس هذه الألعاب على سبيل التسلية والتحدي، ونادراً ما تُلعب مقابل المال كألعاب قمار. ومن أشهر هذه الألعاب لعبة ورق 400 ، أو طرنيب 41 كما تسمّى في بعض الأحيان. تتّسم هذه اللعبة ببساطة قوانينها وطريقة اللعب، وهي تعتمد على الحظ والمهارة في الوقت ذاته. تابع القراءة لتعرف أكثر عن لعبة ورق ٤٠٠، قوانينها، كيفية لعبها وكل ما يتعلق بها.
لمحة عن لعبة 400
لا يُعرف بالتحديد التاريخ الذي دخلت فيه هذه اللعبة إلى البلدان العربية، لكنها على الأغلب بدأت خلال فترة الحكم العثماني، ومنذ أن تعرّف العرب على اوراق لعب الشدّة. يُستخدم في لعب ورق 400 مجموعة واحدة من ورق اللعب العادي دون ورقتي الجوكر، أي بـ52 ورقة تتوزع على أربعة أصناف هي الكبّة، الاسباتي، الديناري والبستوني. يضم كل صنف 13 ورقة تتدرج من 2 حتى 10، إضافة إلى أوراق الولد (J)، الملكة (Q)، الملك (K)، التي تسمّى تباعاً في بلاد الشام “الشاب”، “البنت” و “الراي”، وأخيراً تأتي ورقة “الآس” (A) أو “الأص” وهي أقوى الأوراق.
في لعبة ورق شدة 400 الكبّة هو أقوى الأصناف، وتتساوى باقي الأصناف في القوة. أي أن أدنى ورقة كبة، حتى ورقة 2، تتفوق حتى على الآس من غير أصناف. يلعب هذه اللعبة أربعة لاعبين، لا أكثر ولا أقل. ويشكل كل لاعبَين فريقاً واحداً. يجلس الشريكان مقابل بعضهما. ويعتبَر اللاعب شركاء في الفوز، أي إذا فاز أحدهما يعتبر الفريق فائزاً. وبناءً على ذلك يقوم كل شريك بإعانة شريكه خلال اللعب حتى لو كان على حساب أن يخسر هو، خاصة إذا كان شريكه متصدراً أو أقرب منه إلى الفوز.
كيفية لعب ورق 400
تبدأ اللعبة بأن يقرر أحد اللاعبين أن يبدأ التوزيع، أو يسحب كل لاعب ورقة لعب واحدة، ويبدأ صاحب الورقة الأعلى بالتوزيع، ويليه في التوزيع في الجولة اللاحقة اللاعب الذي يجلس على يمينه، وهكذا دواليك. يتم التوزيع، والأوراق مقلوبة، بدءاً من اللاعب الذي يجلس إلى يمين الموزع بعكس اتجاه عقارب الساعة. وغالباً ما يبدأ بتوزيع ورقة واحدة لكل لاعب، ثم ورقتين أو ثلاثة أوراق دفعة واحدة لكل لاعب مداورةً إلى أن ينتهي ليصبح لدى كل لاعب 13 ورقة.
يرتب كل لاعب أوراقه بحسب أرقامها وأصنافها، ولا يكشف أياً منها حتى لشريكه. بعد ذلك يقدّر اللاعب عدد المرات التي يمكن أن يكسب فيها ما يُسمّى “أكل”، الذي هو عبارة عن دورة لعب بورقة من كل لاعب يربحها صاحب الورقة الأقوى. يعلن اللاعب الأول الجالس على يمين الموزع عدد الـ”أكل” التي يقدّر أنه سيكسبها، ويتراوح هذا العدد بين 2 و13، وتسمّى هذه العملية “ضمنة”. يجدر الانتباه إلى أنه إذا كانت الضمنة 5 أو أعلى، أي إذا قدّر اللاعب أنه سيحصل على 5 “أكل”، فإنها تضاعف مرتين، أي أن الـ5 تسجّل 10. وإذا كانت 9 أو أعلى فإنها تضاعف 3 مرات، أي إن الـ9 تسجل 27. وتتابع هذه العملية بين باقي اللاعبين، ليكون آخر من يضمن هو الموزع. يجب أن لا يقل مجموع الضمنات لكل اللاعبين عن 11، وإلا فإن اليد تلغى ويوزع الورق من جديد من قبل اللاعب التالي.
بعدما يوزع الورق ويضمن كل لاعب ما يعتقد أنه سيحصل عليه من “أكل” ويكون المجموع 11 أو أعلى، يبدأ باللعب اللاعب الذي على يمين الموزع. فيرمي ورقة من اختياره، ويتبعه في ذلك اللاعب الذي على يمينه، ويكون الموزع آخر من يلعب. يجب على كل لاعب أن يلعب الصنف ذاته مثل الورقة التي رماها اللاعب الأول إذا كان لديه هذا الصنف، وإذا لم يكن لديه يمكنه أن يلعب صنفاً آخر. في هذه الحالة لا تؤخذ قيمة الورقة من الصنف الآخر في الاعتبار، أي إنها لا تعتبر أعلى من أي ورقة من الصنف الذي بدأ به اللاعب الأول، إلا إذا كانت “كبة”. يفوز بالـ “أكل” اللاعب صاحب الورقة الأعلى من الصنف الذي بدأ به اللعب، أو صاحب أعلى ورقة “كبة” إذا لعبها أحدهم ولم يكن لديه أي ورقة من صنف الورقة الأولى. يحتفظ هذا اللاعب بالـ “أكل”، أي الأوراق الأربع التي لُعبت أمامه على الطاولة بشكل مقلوب، ثم يبدأ هو نفسه بدورة لعب جديدة بأي ورقة يريدها.
يُتابع اللعب بهذه الطريقة حتى تنتهي الجولة، ويتوزع 13 “أكل” على اللاعبين. يتم بعد ذلك إحصاء عدد الـ”أكل” الذي حصل عليه كل لاعب. إذا استطاع اللاعب أن يحصل على العدد الذي ضمنه قبل بدء الجولة أو أكثر، تتم إضافة هذا الرقم إلى مجموعه، وإذا لم يستطع ذلك، يتم عندها طرح الرقم من مجموعه. ثم تبدأ جولة جديدة، فيتم خلط الأوراق وتوزيعها من جديد بالطريقة ذاتها، واحتساب النقاط بعد انتهاء الجولة. يفوز أخيراً اللاعب الذي يستطيع الوصول إلى مجموع 41 قبل غيره، حيث يعتبر فائزاً هو وشريكه، وتنتهي اللعبة.
توجد بعض الشروط الإضافية في بعض طرق اللعب. فمثلاً عندما يبلغ مجموع اللاعب بين 30 و39، لا يمكنه أن يضمن بالرقم 2، بل يكون الرقم الأدنى المسموح له 3، وعندما يصبح مجموعه 40 أو أعلى يصبح الرقم الأدنى المسموح له 4.
مقارنة بين لعبة ورق 400 online ولعبة ورق 400 التقليدية
شهد التطور التكنولوجي للألعاب عبر الإنترنت أو online ظهور ألعاب الورق ضمن ألعاب الإنترنت، خاصة باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال. وقد شهدت فترات الحجر نتيجة جائحة كورونا انتشار هذه الطريقة في اللعب، حيث يمكن للاعبين أن يتنافسوا في لعبة حماسية وكل منهم في منزله. وكانت لعبة الـ400 من بين هذه الألعاب. وهنا يبرز السؤال، هل يمكن للعبة ورق 400 online، أن تحل محل اللعبة التقليدية؟
الإجابة على هذا التساؤل هي أن لكل من طريقتي اللعب إيجابيات وسلبيات. فإيجابيات اللعب أون لاين هي أن اللاعب ليس مضطراً لمغادة منزله وتكبد عناء الانتقال إلى مكان آخر، بل يمكنه أن يتنافس مع أصدقائه أينما كان حتى لو كان مسافراً في بلد آخر. لكن سلبيات هذه الطريقة هي افتقاد اللعبة للحماس وجو التنافس الموجود بين اللاعبي عندما يكونون بمواجهة بعضهم البعض. وهكذا يمكن القول إن اللعب وجهاً لوجه يبقى هو الشكل الحقيقي الذي عُرفت به اللعبة، خاصة أن اللاعبين المهرة يستخدمون لغة الجسد وتعابير الوجه ليعرفوا إمكانية منافسيهم وقوة اوراق لعب الـ400 التي في يدهم. فالأغلب إذاً أن لعبة ورق 400 online لن تحل محل اللعبة بشكلها التقليدي.
الخلاصة
لألعاب الورق مكان في ذاكرة شعوب الدول العربية، و لعبة ورق 400 مكانة خاصة. فقد شاهد الجيل الحالي آباءه وأجداده يتسلّون بها في أوقات الفراغ في تحدٍّ بريء وممتع. وربما تكون هذه الألعاب طريقة للابتعاد عن شاشات الأجهزة المتنوعة، والاندماج والتفاعل مع الأصدقاء، رغم أن التكنولوجيا بدأت تتسلل إليها من بوابة الإنترنت. المهم في هذه الألعاب وغيرها أن تكون فقط للتسلية، وفي أوقات الفراغ، فلا يمضي اللاعب وقتاً طويلاً ويصبح مدمناً عليها، فيهمل واجباته وأعماله، ويتسبب لنفسه بأضرار مادية واجتماعية هو في غنى عنها.